لم أجد غرابة أن يعتب بعض الشباب علي حين دعوت إلى التأني والروية قبل الإقدام على قرار التعدد، وإضافة شريك جديد إلى الحياة.
العجيب أن عددا من بناتنا أبدين إعتراضا تحت شعار: قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق!.
بنت تعلقت عاطفيا مع رجل معدد، وأبدت إستعدادها لأن ترضى وتصبح زوجة ثانية..
أخرى تتزايد لديها إحتمالات تقدم رجل معدد، أكثر من شاب أعزب، لأنها مطلقة وربما ذات أولاد، أو لديها ظروف خاصة.
ثالثة إرتبطت فعلا بزوج معدد، وينظر إليها من حولها وكأنه إختطفته من يد الأولى، أو أن ما فعلته كان ذنبا يجب أن تستحي منه.. وهي لم تخطئ ولم تتجاوز حدها.
حين يقدم الزوج على البحث عن أخرى عليه أن ينظر هل الزوجة الثانية: ترف، أم حاجة؟ أم ضرورة؟ وعليه أن يقدر وقع هذا القرار على البيت الأول، ومدى إمكانية إحتواء ردود الأفعال.
وعليه أن يتأكد من قدرته المادية، وقدرته الجسدية، وقدرته العاطفية على إحتواء بيتين وامرأتين وأولاد، ومدى قدرته على تجاوز الخلافات والمشكلات العائلية، وتحقيق العدل المأمور به شرعا، أو القدر الممكن منه.
= أن يتزوج أحدهم تحت شعار:
اضرب المخطئ بالعصا، واضرب النساء بالنساء.
فيأخذ الثانية أدبا للأولى، وبمجرد تحقيق هذا الهدف يفكر بالإنفصال، وكأنها غدت فقط وسيلة إيضاح، فهذه إستهانة بإنسانيتها وكرامتها وأنوثتها، بل هو إنطواء على نية مبيتة رديئة لو علمت بها أو علم بها أهلها لم يكن إلى هذا الزواج من سبيل.
أو يتزوج فتاة تحت العشرين، وهو يتحدث عن محاربة العنوسة! فهو أمر يدعو للإستغراب.
من الطريف أن أحدهم قال لي: إن البنات عالميا أكثر من الأولاد، وفي مجتمعنا السعودي خاصة يظهر هذا جليا، وتحدث عن مجموعة أسر يعرفها لديها خمس بنات وثلاثة أولاد!
معلومات سطحية ومغلوطة، والحقائق تقول إنه في كوريا كان يولد في أوائل التسعينيات من القرن العشرين 122 صبيا مقابل 100 بنت، بينما النسبة الطبيعية هي 105 صبيان مقابل كل 100 بنت.
في الصين الشعبية بلغت النسبة 117 صبيا لكل 100 بنت، وأدى هذا إلى نقص البنات في آسيا.
وبحلول العقد الثاني من هذا القرن ستواجه الصين وضعا صعبا حيث لن يجد خمس السكان الذكور في سن الزواج عرائس لهم، وهي صيغة تدعو للقلق، لأن من شأن ذلك أن يحمل الشباب غير المرتبطين على النزوع إلى الجريمة.
وهنا تبدو النسبة معقولة في المملكة حسب آخر إحصائية رسمية عام 1431هـ حيث بلغ عدد السكان 27 مليون نسمة، المواطنون منهم 18 مليونا و700 ألف.
وبلغت نسبة الذكور 50.9 %.
بينما كانت نسبة الإناث 49.1 %.
ابنتي الزوجة الثانية: أتفهم غالبا ظروفك، ولو طلبت مشورتي قبل الزواج، ووضعتني في صورة التفاصيل المتعلقة بك وبزوجك والأسباب لكنت ممن ينصحك بالإقدام فهو قرار حكيم ومدروس وله ما يسوغه، وأنا لا أعد هذه الحالة إستثناء، ولكنها ليست الحالة الغالبة لدى المعددين، أو الراغبين في التعدد، أنت نموذج رائع نادر المثال دون مجاملة.
ولصديقتك العزباء، التي وضعت في رأسها فكرة أن تكون زوجة ثانية أقول: يمكنها أن تقبل أن تكون زوجة أخرى لقوي عادل محتاج قادر على الإشباع المادي والمعنوي، وليس بشهواني أو إنتهازي أو أناني شأنه التذوق، وهو يبدل زوجاته كما يبدل ثيابه، وليس لديه إستعداد لتحمل التبعات والمسؤوليات، فثقافته عن المرأة لا تشجعه على إحترامها ولا تقدير مشاعرها، ولذا تجدينه يدندن دوما حول: المسيار، والمصياف، والمسفار، والمدراس.. والصيغ الجديدة من قائمة الزواجات العابرة المؤقتة..
أنت لست محتاجة إلى إنسان يمنحك وعودا براقة خيالية تذوب كالثلج بمجرد طلوع شمس ذلك اليوم، بقدر حاجتك إلى رجل يساندك في طريق الحياة ويتحمل معك مشقاتها وآلامها وصعابها.. والله معك ولن يخيب ظنك فإصبري وإستبشري.
حتى حين تفكرين أن تكوني زوجة ثانية عليك أن تختاري من يستاهلك ويستحق التضحية الحياتية التي تقدمينها، ليس كل من طلب يدك فهو جدير بك!
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.